السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك أن البذرة الأولى في حياة الإنسان تبدأ من رياض الأطفال وهذه المرحلة تعتبر من أهم فترات الحياة الإنسانية
و أخطرها لذا كان الاهتمام بإنشاء مدارس للأطفال قبل سن المدرسة وقد سميت برياض الأطفال وهي مؤسسات تربوية تنموية لها دور هام في تنشئة الطفل وإكسابه فن الحياة باعتبار دورها هو امتداد لدور الأسرة، فالروضة توفر للطفل الرعاية لكل صورها وتحقق مطالب نموه وتشبع حاجاته وتتيح له فرص اللعب المتنوعة ليكتشف ذاته ويعرف قدراته ويعمل على تنميتها ويتشرب ثقافة مجتمعه، فيعيش سعيدا متوافقا مع ذاته ومجتمعه.
وتهدف العملية التعليمية بمرحلة رياض الأطفال إلى التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية، كما تهدف إلى تنمية مهارات الأطفال اللغوية والعددية والفنية من خلال الأنشطة الفردية والجماعية، و إنماء القدرة على التفكير والابتكار والتخيل، كما تهدف إلى التنشئة الاجتماعية والصحية السليمة وتعمل على تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة بهذه المرحلة من العمر لتمكن الطفل من أن يحقق ذاته، ومساعدته في تكوين الشخصية السليمة، وعلى تكوين قيم روحية واكتساب سلوكيات راقية ومتحضرة وذلك من خلال نشاطات نظرية وعملية في التربية الدينية كسلوكيات، وتعويد الطفل على النظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء.
ولقد أدرك العالم بأسره أهمية رياض الأطفال وأن الطفل يكون خلال عمر الروضة أرضاً خصبة يتلقى وبإدراك كل معلومة يمنح إياها.. لذلك كانت جهودنا كتربويين موجهة بشكل مباشر إلى هذه المرحلة الحساسة في حياة الإنسان وكرسنا كل جهودنا لتكون البذرة الأولى أو اللبنة الأولى إن صح التعبير هي الأساس المتين الذي يشيد عليه بنيان عظيم وشامخ
ولهذا لابد من الاعتناء بهذه المرحلة ) الطفولة المبكرة) لأهميتها وضرورتها واستثمارها استثمارا حقيقيا لما له فوائد كبيرة على الطفل وعلى المجتمع, وذلك من قبل العائلة أولا ثم الروضة ثانياً ، و إضافة لما سبق يمكن لهذه المرحلة أن تكسب الطفل جملة من العادات والآداب الشرعية الضرورية حينما يتعلم كيفية الاستئذان وإلقاء السلام عند الدخول وآداب الحوار مع المعلم وآداب الخلاء والاختلاء والاعتداد بالشخصية الإسلامية المثلى في شؤون الطفل داخل وخارج المنزل
و الطفل لديه العديد من القدرات الفنية المبدعة.. ولكن عدم استخدام هذه القدرات يجعلها تتواري وتختفي, وهنا تبرز أهمية اكتشاف وتنمية هذه المهارات في وقت مبكر, وتساهم رياض الأطفال كثيرا في اكتشاف وتنمية تلك القدرات.
لرياض الأطفال أهمية كبرى إذ انها تتميز بالتعامل والاهتمام والرعاية بالطفل في مرحلة مهمة من حياته, وهي تتميز عن جميع المراحل العمرية للإنسان لان الطفل هذه السن لديه القابلية للتعلم واكتساب المهارات, ورياض الأطفال النموذجية بفضل البرامج المتميزة والكوادر المتخصصة تساهم في توظيف مواهب الطفل وتربيته وتعليمه بما يفيده في نشأته.
وهذه المرحلة هي مرحلة تسلية ولعب للطفل لهذا ينبغي أن تركز رياض الأطفال على تنمية جميع المهارات والقدرات وإكساب الطفل المعلومات والمعارف عن طريق استخدام الألعاب فمن خلال اللعب يكتسب الطفل القيم والمعايير الاجتماعية.. من خلال الألعاب الهادفة والمسلية يتعرف ويتعلم الطفل على الأخلاقيات والمهارات, وكذلك على المعارف والعلوم.و الروضة تشعر الطفل بالاستقرار النفسي والهدوء والأمان وانفراده في مملكته التي تكون قريبة من بيئته التي خرج منها مما يشعره بالاعتزاز بالنفس فيحب تلقي المعلومات.
وهناك شيء مهم يجب التنويه عليه وهو الوجبة الغذائية إذ تعتبر الوجبة الغذائية الصحية من الأمور المهمة في رياض الأطفال , ولهذا ينبغي الاهتمام والاعتناء بها جيدا , والاتفاق مع الأسرة بتوفير الوجبات الغذائية المتكاملة من حيث الصحة والنظافة و الحرص على تناول الطفل لوجبته كل يوم .
ولا يفوتنا أهمية التواصل بين الأسرة وروضة الأطفال والزيارة الدائمة من الأم للطفل ,و لأجل تقوية هذا الجانب تقوم الرياض بدروس معايشة حيث يسمح للأم بان تحضر الدرس مع الطفل حتى تتعرف على كيفية تعايش الطفل مع زملائه وكيف يمكن للمدرسة أن تعطيه المعلومة بشكل طبيعي وتلقائي وهكذا تستطيع أن تسيطر عليه داخل المنزل بنفس طريقة المدرسة.
وتبقى رياض الأطفال مسؤولية تربوية وتعليمية في أعناق الجميع من مسئولين وآباء وأمهات, وهي بحاجة إلى الاهتمام والرعاية والتبني وزيادة عددها وتطويرها , وعلى ورجال الأعمال الاستثمار في هذا المجال بما يخدم الرسالة التعليمية والتربوية في البلد.
ودخول رياض الأطفال قبل الالتحاق بالمدرسة مرحلة انتقالية مهمة للغاية في حياة كل طفل وكل أسرة على حد سواء.. فهي أول خطوة كبيرة في رحلة انتقال الصغير من مرحلة المهد إلى مرحلة الطفولة.
وتحرص كل أم على أن تمر هذه المرحلة من حياة طفلها بسلام لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة والمصلحة له وعلى إزاحة شبح القلق الثقيل الذي يجثم على صدر الصغير مع بداية تلك الفترة الفاصلة في حياته.
وأكثر التحديات شيوعاً التي يواجهها الصغار في تلك المرحلة هي توديع الوالدين ، فبالنسبة لبعض الأطفال تكون هذه أول مرة ينفصلون فيها عن أمهاتهم.. وحتى إذا كانوا قد سبق لهم الانفصال عنهن فإن هذه طريقة جديدة وموقف جديد تماماً يشاركهم فيه أطفال آخرون رعاية المعلمة أو المسئول عن الفصل الجديد في المدرسة.
تتساءل أمهات كثيرات: كيف يمكننا تهدئة قلق صغارنا بشأن الانفصال عنا في هذه المرحلة؟
نقول : إذا كان لدى الأم شعور بالتردد أو عدم الارتياح أو الشك المتعلق بكراهيتها ترك طفلها حين يكون غير سعيد بذلك أو إذا كانت غير مقتنعة تماماً بالمكان الذي ستترك فيه الطفل أو غير راضية عن حقيقة ضرورة تركه فإن الرسالة التي سيلتقطها الطفل مفادها هو "حسناً قد يكون هذا المكان غير جيد حقيقة أو أن بقائي فيه فكرة غير مناسبة"، فالمطلوب أولاً - وفقاً لرؤية الخبير- هو أن تجهز الأم نفسها أولاً قبل أن تجهز طفلها لهذه المرحلة الفاصلة في حياته.
ومع ذلك يتعين على الأم أيضاً تجهيز صغيرها لتلك المرحلة بأمور عديدة أولها أخذه لزيارة الفصل الدراسي ومقابلة المعلمة قبل بدء الدراسة.. وإذا تيسرت مقابلته مع طفل آخر سيلتحق بالروضة معه لأول مرة في ذات الوقت ويلعبان معاً لأن ذلك سيكون أروع لأنهما سيرحبان ببعضهما حين يلتقيان مع بدء الدراسة في روضة الأطفال وبالتالي يخف القلق الجاثم على صدر كل منهما.
كما يمكن للأم أن تعطي صغيرها شيئا محببا له معه في أيامه الأولى بالروضة مثل لعبة يحبها أو قصة تستطيع معلمته قراءتها له ولزملائه في الفصل وما إلى ذلك.. إضافة إلى تأكيدها له بأن "ماما ستأتي" أو "بابا سيأتي" لأخذك إلى البيت.
ويفاجأ كثير من الأطفال حين يذهبون إلى المدرسة (رياض الأطفال) لأول مرة بعدم تركيز المعلمة مع كل منهم وحده كما كان معتاداً طوال مرحلة المهد السابقة حيث كان كل اهتمام الأم أو الأب أو المربية أو جليسة الأطفال مُنصبا على طفل واحد بينما هو هُنا يرى أن اهتمام المعلمة موجه لجميع لأطفال الذين يشاركونه فصله الدراسي ولا يخصه وحده.
وبالتالي فإن تعليمه المشاركة في العلاقة مع المعلمة خبرة جديدة وفي غاية الأهمية أيضاً خصوصاً أنه سيكون في حاجة إلى أن يتعلم كيفية تكوين صداقات ومشاركة أصدقائه اللعب والمرح والدور وكيف يكظم غيظه ولا يثور كما كان يفعل في البيت؟
فمرحلة رياض الأطفال أو ما قبل المدرسة توفر لأبنائنا فرصاً كثيرة لاكتساب خبرات وممارسة مهارات إضافة إلى فرص أخرى يتعلموها عن مشاعر الأطفال الآخرين ولاكتشاف السعادة في فضيلة الكرم.
أضيفي إلى ذلك أن الأطفال يحبون أكثر في هذه المرحلة الروتين اليومي المعتاد في رياض الأطفال الذي يغرس في أنفسهم النظام والإثارة في آن واحد حيث ينتظرون الموعد الذي تحكي فيه لهم المعلمة قصصا ووقت تناولهم الطعام ووقت الاستراحة ويبدءون يشعرون بذلك.
وتصبح ألعابهم الخيالية والممتعة أقوى أكثر في هذه السن، كما أنهم يستفيدون من أقرانهم أمورا تتعلق بتعلم اللغة واكتساب مهارات أخرى كقيادة الدراجة وما إلى ذلك.بعض الأطفال تحدث لهم نوبات انفعال عاطفي حين يرون الأم أو الأب لدى وصولهم لروضة الأطفال لإعادتهم للبيت عند نهاية اليوم الدراسي... فهل هذا أمر يثير القلق؟!إن ذلك لا يعني أبداً أن الصغير أو الصغيرة لم يكن، أو تكن، سعيداً في يومه، وكل ما يقصده الصغير من ذلك هو التعبير عن افتقاده لك يا أمه أو يا أباه وبوسعه أخيراً أن يغدق عليك بمشاعره التي كان يحاول كبحها طوال اليوم.وحقيقة افتقاد الطفل لأمه وأبيه لا تعني أن روضة الأطفال التي يلتحق بها سيئة أو غير مفيدة له ويمكن هناك للأم أن تؤكد للطفل افتقادها له أيضا بقولها "وأنت أيضاً أوحشتني وكنت مشتاقة طوال اليوم لرؤياك لأننا نحب بعضنا ونسعد جدا بوجودنا معا".